الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين **
الجحد: الإنكار، والإنكار نوعان: الأول: إنكار تكذيب، وهذا كفر بلا شك، فلو أن أحدا أنكر اسما من أسماء الله أو صفة من صفاته الثابتة في الكتاب والسنة، مثل أن يقول: ليس لله يد، أو أن الله لم يستو على عرشه، أو ليس له عين، فهو كافر بإجماع المسلمين، لأن تكذيب خبر الله ورسوله كفر مخرج عن الملة بالإجماع. الثاني: إنكار تأويل، وهو أن لا ينكرها ولكن يتأولها إلى معنى يخالف ظاهرها، وهذا نوعان: 1. أن يكون للتأويل مسوغ في اللغة العربية، فهذا لا يوجب الكفر. 2.أن لا يكون له مسوغ في اللغة العربية، فهذا حكمه الكفر لأنه إذا لم يكن له مسوغ صار في الحقيقة تكذيب، مثل أن يقول: المراد بقوله تعالى: {تجري بأعيننا} [القمر: 14] تجري بأراضينا، فهذا كافر لأنه نفاها نفيا مطلقا، فهو مكذب. ولو قال في قوله تعالى: فقوله: من يد، أي: من نعمة، لأن المانوية يقولون: إن الظلمة لا تخلق الخير، وإنما تخلق الشر. قوله:(من الأسماء) جمع اسم، واختلف في اشتقاقه، فقيل: من السمو، وهو الارتفاع، ووجه هذا أن المسمى يرتفع باسمه ويتبين ويظهر. وقيل: من السمة وهى العلامة، ووجهه: أنه علامة على مسماه، والراجح أن مشتق من كليهما والمراد بالأسماء هنا أسماء الله - عز وجل - والفرق بين الاسم والصفة أن الاسم ما تسمى به الله والصفة ما اتصف بها. * البحث في أسماء الله: المبحث الأول: أن أسماء الله أعلام وأوصاف، وليست أعلاما محضة، فهي من حيث دلالتها على الصفة التي يتضمنها هذا الاسم أوصاف، بخلاف أسمائنا، فالإنسان يسمي ابنه محمدا وعليا دون أن يلحظ معنى الصفة، فقد يكون اسم عليه هو من أوضع الناس، أو عبد الله وهو من أكفر الناس، بخلاف أسماء الله، لأنها متضمنة للمعاني، فالله هو العلي لعلو ذاته وصفاته، والعزيز يدل على العزة، والحكيم يدل على الحكمة، وهكذا. ودلالة الاسم على الصفة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: الأول: دلالة مطابقة، وهي دلالته على جميع معناه المحيط به. الثاني: دلالة تضمن، وهي دلالته على جزء معناه. الثالث: دلالة التزام، وهي دلالته على أمر خارج لازم. مثال ذلك: الخالق يدل على ذات الله وحده، وعلى صفة الخلق وحدها دلالة تضمن، ويدل على ذات الله وعلى صفة الخلق فيه دلالة مطابقة، ويدل على العلم والقدرة دلالة التزام. كما قال الله تعالى: {الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما} [الطلاق: 12] فعلمنا القدرة من كونه خالق السموات والأرض، وعلمنا العلم من ذلك أيضا، لأن الخلق لابد فيه من علم، فمن لا يعلم لا يخلق، وكيف يخلق شيئا لا يعلمه؟! المبحث الثاني: أن أسماء الله مترادفة متباينة، المترادف: ما أختلف لفظه واتفق معناه، والمتباين: ما اختلف لفظه ومعناه، فأسماء الله مترادفة باعتبار دلالتها على ذات الله - عز وجل - لأنها تدل على مسمى واحد، فالسميع، البصير، العزيز، الحكيم، كلها تدل على شيء واحد هو الله، ومتباينة باعتبار معانيها، لأن معنى الحكيم غير معنى السميع وغير معنى البصير وهكذا. المبحث الثالث: أسماء الله ليست محصورة بعدد معين، والدليل على ذلك قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ابن مسعود الحديث الصحيح المشهور: أما قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: المبحث الرابع: الاسم من أسماء الله دل على الذات وعلى المعنى كما سبق، فيجب علينا أن نؤمن به اسما من الأسماء، ونؤمن بما تدل عليه الصفة من الثر والحكم إن كان متعديا، فمثلا: السميع نؤمن بأن من أسمائه تعالى السميع، وأنه دال على صفة السمع، وأن لهذا السمع حكما وأثرا وهو أنه يسمع به، كما قال تعالى: المبحث الخامس: هل أسماء الله تعالى غيره، أو أسماء الله هي الله؟ إن أريد بالاسم اللفظ الدال على المسمى، فهي غير الله - عز وجل - وإن أريد بالاسم مدلول ذلك اللفظ، فهي المسمى. فمثلا: الذي خلق السموات والأرض هو الله، فالاسم هنا هو المسمى، فليست (اللام - والهاء) هي التي خلقت السموات والأرض، وإذا قيل: اكتب باسم الله. فكتبت بسم الله، فالمراد به هو الاسم دون المسمى، وإذا قيل: اضرب زيدا، فضربت زيدا المكتوب في الورقة لم تكن ممتثلا، لأن المقصود المسمى، وإذا قيل: اكتب زيد قائم. فالمراد الذي هو غير المسمى. البحث في صفات الله: المبحث الأول: تنقسم صفات الله إلى ثلاثة أقسام: الأول: ذاتية ويقال معنوية. الثاني: فعلية. الثالث: خبريه. فالصفات الذاتية: هي الملازمة لذات الله، والتي لم يزل ولا يزال متصفا بها مثل: السمع والبصر وهي معنوية، لأن هذه الصفات معان. والفعلية: هي التي تتعلق بمشيءئته إن شاء فعلها وإن لم يشأ لم يفعلها، مثل: النزول إلى سماء الدنيا، والاستواء على العرش، والكلام من حيث آحاده، والخلق من حيث آحاده، لا من حيث الأصل، فأصل الكلام صفة ذاتية وكذلك الخلق. والخبرية:هي أبعاض وأجزاء بالنسبة لنا، أما بالنسبة إلى الله، فلا يقال هكذا، بل يقال: صفات خبرية ثبت بها الخبر من الكتاب والسنة، وهي ليست معنى ولا فعلا مثل: الوجه، والعين، والساق، واليد. المبحث الثاني: الصفات أوسع من الأسماء، لأن كل اسم متضمن لصفة، وليس كل صفة تكون اسما، وهناك صفات كثيرة تطلق على الله وليست من أسمائه، فيوصف الله بالكلام والإرادة، ولا يسمى بالمتكلم أو المريد. المبحث الثالث: إن كل ما وصف الله به نفسه، فهو حق على حقيقته، لكنه ينزه عن التمثيل والتكييف، أما التمثيل، فلقوله تعالى: أحدهما: أن التمثيل هو الذي جاء به القرآن وهو منفي مطلقا، بخلاف التشبيه، فلم يأت القرآن بنفيه. الثاني: أن نفي التشبيه على الإطلاق لا يصح، لأن كل موجودين فلا بد أن يكون بينهما قدر مشترك يشتبهان فيه ويتميز كل واحد بما يختص به، ف: (الحياة) مثلا وصف ثابت في الخالق والمخلوق، فبينهما قدر مشترك، لكن حياة الخالق تليق به وحياة المخلوق به. الثالث: إن الناس اختلفوا في مسمى التشبيه، حتى جعل بعضهم إثبات الصفات التي أثبتها الله لنفسه تشبيها، فإذا قيل من غير تشبيه، فهم هذا البعض من هذا القول نفي الصفات التي الله لنفسه. وأما التكييف، فلا يجوز أن نكيف صفات الله، فمن كيف صفة من الصفات، فهو كاذب عاص، كاذب لأنه قال بما لا علم عنده فيه، عاص لأنه واقع فيما نهى الله عنه وحرمه في قوله تعالى: وسواء كان التكييف بالسان تعبيرا أو بالجنان تقديرا أو بالبيان تحريرا، ولهذا قال مالك رحمه الله حين سئل عن كيفية الاستواء: (الكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة) وليس معنى هذا أن لا نعتقد أن لها كيفية، بل لها كيفية،ولكنها ليست معلومة لنا، لأن ما ليس له كيفية ليس بموجود، فالاستواء والنزول واليد والوجه والعين لها كيفية، لكننا لا نعلمها، ففرق بين أن نثبت كيفية معينة ولو تقديرا وبين أن نؤمن بأن لها كيفية غير معلومة، وهذا هو الواجب، فنقول: لها كيفية، لكن غير معلومة. قول الله تعالى: فإن قيل: كيف يتصور أن نعتقد للشيء و كيفية نحن لا نعلمها؟ أجيب: إنه متصور، فالواحد منا يعتقد أن لهذا القصر كيفية من داخله، ولكن لا يعلم هذه الكيفية إلا إذا شاهدها، أو شاهد نظيرها، أو أخبره شخص صادق عنها. *** قوله تعالى: (وهم). أي: كفر قريش. (يكفرون بالرحمن). المراد: أنهم يكفرون بهذا الاسم لا بالمسمى، فهم يقرون به، قال تعالى: وقد قال الله تعالى: وفي الآية دليل على أن من أنكر اسما من أسمائه تعالى فإنه يكفر، لقوله تعالى: قوله: (لا إله إلا هو). خبر (لا) النافية للجنس محذوف، والتقدير: لا إله إلا هو، وأما الإله الباطل، فكثير، قال تعالى: قوله {عليه توكلت}. أي: عليه وحده، لأن تقديم المعمول يدل على الحصر، فإذا قلت مثلا: (ضربت زيدا)، فإنه يدل على أنك ضربته، ولكن لا يدل على أنك لم تضرب غيره، وإذا قلت: (زيدا ضربت) دلت على أنك ضربت زيدا ولم تضرب غيره، وسبق معنى التوكل وأحكامه. قوله: {وإليه متاب}. أي: إلى الله. و(متاب) أصلها متابي، فحذفت الياء تخفيفا، والمتاب بمعنى التوبة، فهي مصدر ميمي، أي: وإليه توبتي. والتوبة: هي الرجوع إلى الله تعالى من المعصية إلى الطاعة، ولها شروط خمسة: 1. الإخلاص لله تعالى بأن لا يحمل الإنسان على التوبة مراعاة أحد أو محاباته أو شيء من الدنيا. 2. أن تكون في وقت قبول التوبة، وذلك قبل طلوع الشمس من مغاربها، وقبل حضور الموت. 3. الندم على ما مضى من فعله،وذلك بأن يشعر بالتحسر على ما سبق ويتمنى أنه لم يكن. 4. الإقلاع عن الذنب، وعلى هذا، فإذا كانت التوبة من مظالم الخلق فلا بد من رد المظالم إلى أهلها أو استحلالهم منها. 5. العزم على عدم العودة، والتوبة التي لا تكون إلا لله هي توبة العبادة، كما في الآية السابقة، وأما التوبة التي بمعنى الرجوع، فإنها تكون له ولغيره، ومنها قول عائشة حين جاء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فوجد نمرقة فيها صور، فوقف بالباب ولم يدخل، وقالت: (أتوب إلى الله ورسوله، ماذا أذنبت؟) فليس المراد بالتوبة هنا توبة العبادة لأن توبة العبادة لا تكون للرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا لغيره من الخلق بل لله وحده، ولكن هذه توبة رجوع، ومن ذلك أيضا حين يضرب الإنسان ابنه لسوء أدبه، يقول الابن: أتوب. وفي صحيح البخاري: قال علي: **** قوله في أثر علي رضى الله عنه:(حدثوا الناس). أي: كلموهم بالمواعظ وغير المواعظ. قوله: (بما يعرفون). أي: بما يمكن أن يعرفوه وتبلغه عقولهم حتى لا يفتنوا، ولهذا جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه، قال: قوله: (أتريدون أن يكذب الله ورسوله؟!). الاستفهام للإنكار، أي: أتريدون إذا حدثتم الناس بما لا يعرفون أن يكذب الله ورسوله، لأنك إذا قلت: قال الله وقال رسوله كذا وكذا، قالوا: هذا كذب إذا كذبت إذا كانت عقولهم لا تبلغه، وهم لا يكذبون الله ورسوله، ولكن يكذبونك بحديث تنسبه إلى الله ورسوله، فيكونون مكذبين لله ورسوله، لا مباشرة ولكن بواسطة الناقل. فإن قيل: هل ندع الحديث بما لا تبلغه عقول الناس وإن كانوا محتاجين لذلك؟ أجيب: لا ندعه، ولكن نحدثهم بطريقة تبلغه عقولهم، وذلك بأن ننقلهم رويدا رويدا حتى يتقبلوا هذا الحديث ويطمئنوا إليه، ولا ندع ما لا تبلغه عقولهم ونقول: هذا شيء مستنكر لا نتكلم به. ومثل ذلك العمل بالسنة التي لا يعتادها الناس ويستنكرونها، فإننا نعمل بها ولكن بعد أن نخبرهم بها، حتى تقبلها نفوسهم ويطمئنوا إليها. ويستفاد من هذا الأثر أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله - عز وجل - وأنه يجب على الداعية أن ينظر في عقول المدعوين وينزل كل إنسان منزلته. مناسبة ظاهرة، لأن بعض الصفات لا تحتملها أفهام العامة فيمكن إذا حدثتهم بها كان لذلك أثر سيي عليهم، كحديث النزول إلى السماء الدنيا مع ثبوت العلو، فلو حدثت العامي بأنه نفسه ينزل إلى السماء الدنيا مع علوه على عرشه، فقد يفهم أنه إذا نزل، صارت السموات فوقه وصار العرش خاليا منه، وحينئذ لابد في هذا من حديث تبلغه عقولهم فتبين لهم أن الله - عز وجل - ينزل نزولا لا يماثل نزول المخلوقين مع علوه على عرشه، وأنه لكمال فضله ورحمته يقول: والعامي يكفيه أن يتصور مطلق المعنى، وأن المراد بذلك بيان فضل الله - عز وجل - في هذه الساعة من الليل. وروي عبد الرازق عن معمر، عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس: (أنه رأي رجلا انتفض لما سمع حديثا عن النبي صلى الله عيله وسلم في الصفات، *** قوله في أثر ابن عباس: (انتفض). أي: اهتز جسمه، والرجل مبهم والصفة التي حُدث بها لم تُبين، وبيان ذلك ليس مهما، وهذا الرجل انتفض استنكار لهذه الصفة لا تعظيما لله، وهذا أمر عظيم صعب، لأن الواجب على المرء إذا صح عند شيء عن الله ورسوله أن يقر به ويصدق ليكون طريقه طريق الراسخين في العلم حتى وإن لم يسمعه من قبل أو يتصوره. الصفات استنكارا لذلك، فقلت: ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة عند محكمه ويهلكون عند متشابهه؟!) انتهى [عبد الرزاق في المصنف (20895) وابن ابي عاصم في كتاب السنة (485)] قوله: (ما فرق). فيها: ثلاث روايات: 1. (فَرَقُ)، بفتح الراء وضم القاف. 2. (فرَّقَ)، بفتح الراء مشددة، وفتح القاف. 3. (فَرَقَ)، بفتح الراء مخففة، وفتح القاف. فعلى رواية (فَرَقُ) تكون (ما) استفهامية مبتدأ، و(فرق) خبر المبتدأ، أي: ما خوف هؤلاء من إثبات الصفة تليت عليهم وبلغتهم،لماذا لا يثبتونها لله - عز وجل - كما أثبتها الله لنفسه وأثبتها لرسوله؟ وهذا ينصب تماما على أهل التعطيل والتخريف الذين ينكرون الصفات، فما الذي يخوفهم من إثباتها والله تعالى قد أثبتها لنفسه؟ وعلى رواية (فرّق) أو(فَرَقَ) تكون فعلا ماضيا بمعنى ما فرقهم، كقوله تعالى: قوله: (يجدون رقة عند محكمه). الرقة: اللين والقبول، و(محكمه)، أي: محكم القرآن. قوله: (ويهلكون عند متشابهه). أي: متشابه القرآن. والمحكم الذي اتضح معناه وتبين، والمتشابه هو الذي يخفي معناه، فلا يعلمه الناس، وهذا إذا جمع بين المحكم والمتشابه، وأما إذا ذكر المحكم مفردا دون المتشابه، فمعناه المتقن الذي ليس فيه خلل: لا كذب في أخباره، ولا جور في أحكامه، قال تعالى: وإذا ذكر المتشابه دون المحكم صار المعنى أنه يشبه بعضه بعضا في جودته وكماله، ويصدق بعضه بعضا ولا يتناقض، قال تعالى: والفرق بينهما: أن المطلق يخفي على كل أحد، ونسبي يخفي على أحد دون أحد، وبناء على هذا التقسيم ينبني الوقف في قوله تعالى: القول الأول: الوقف على (إلا الله)، وعليه أكثر السلف، وعلى هذا، فالمراد بالمتشابه المتشابه المطلق الذي لا يعلمه إلا الله، وذلك مثل كيفية وحقائق صفات الله، وحقائق ما أخبر الله به من نعيم الجنة وعذاب النار، وقال الله تعالى في نعيم الجنة: والقول الثاني: الوصل، فيقرأ: وبعض أهل العلم يظنون أن في القرآن ما لا يمكن الوصول إلى معناه، فيكون من المتشابه المطلق، ويحملون آيات الصفات على ذلك، وهذا من الخطأ العظيم، إذ ليس من المعقول أن يقول تعالى: فقد يقصر الفهم عن إدراك المعني أو يفهمه على معنى خطأ، وأما بالنسبة للحقائق، فما أخبر الله به من أمر الغيب، فمتشابه على جميع الناس. ولما سمعت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الرحمن، انكروا ذلك، فأنزل الله فيهم **** قوله: (ولما سمعت قريش رسول الله يذكر الرحمن). أصل ذلك أن سهيل بن عمرو أحد الذين أرسلتهم قريش لمفاوضة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في صلح الحديبية وأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم)، فقال (أما الرحمن، فلا والله ما أدري ما هي، وقالوا: إننا لا نعرف رحمانا إلا رحمن اليمامة، فأنكروا الاسم دون المسمى، فأنزل الله: وفي الآية دليل على أن من أنكر اسما من أسماء الله الثابتة في الكتاب أو السنة، فهو كافر لقوله تعالى: وقوله: (ولما سمعت قريش). الظاهر - والله أعلم - أنه من باب العام الذي أريد به الخاص، وليس كل قريش تنكر ذلك، بل طائفة منهم، ولكن إذا أقرت الأمة الطائفة على ذلك ولم تنكر، صح أن ينسب لهم جميعا، بل إن الله نسب إلى اليهود في زمن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما فعله أسلافهم في زمن موسى عليه السلام، قال تعالى: **** قوله فيه مسائل: الأولى: عدم الإيمان بجحد شيء من الأسماء والصفات. عدم بمعنى انتفاء، أي: انتفاء الإيمان بسبب جحد شيء من السماء والصفات، وسبق التفصيل في ذلك. الثانية: تفسير آية الرعد. وهي قوله تعالى: الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع. وهذا ليس على إطلاقه، وقد سبق التفصيل عند شرح الأثر. الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلى تكذيب الله ورسوله ولو لم يتعمد المنكر. وهي أن الذي لا يبلغ عقله ما حدث به يفضي به التحديث إلى تكذيب الله ورسوله، فيكذب ويقول: هذا غير ممكن، وهذا يوجد من بعض الناس في أشياء كثيرة مما أخبر به النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مما يكون يوم القيامة، كما أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: قوله: (ولو لم يتعمد المنكر) أي: ولو لم يقصد المنكر تكذيب الله ورسوله، ولمن كذب نسبة هذا الشيء إلى الله ورسوله، وهذا يعود بالتالي إلى رد خبر الله ورسوله. الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئا من ذلك وأنه أهلكه. وذلك قوله: (ما فرق هؤلاء؟ يجدون رقة - أي لينا - عند محكمه فيقبلونه، ويهلكون عند متشابهه فينكرونه؟)
|